مرحبًا جميعًا، اليوم سنكمل رحلتنا في أنميات هذا الموسم، هبطت أوائل الحلقات الكاملة من الأنميات الحالية، مما سمح لنا بتكون رؤية عامة من الهدف والغاية. والجدير بالذكر أنه سبق وأن تحدثنا عن «Mahoutsukai no Yome» هنا، «Juuni Taisen» هنا، «Evil or Live» هنا، و«Black clover» هنا. والآن معنا أنمي قد يعتقده البعض حاملًا لفكرة تقليدية ومُكررة، لكن من وجهة نظري، أتى هذا الأنمي ليضع لمسة نفسية وفلسفية على أنميات هذا الموسم التي تمركزت بشكل عام على القتالات والشونين. فهيا لا نُكثر من الحديث، ولندخل مباشرة إلى مناقشة الحلقات الثلاثة الأولى من أنمي «Inuyashiki».
القصة
تحدث القصة في اليابان المُعاصرة، حيث الزحام يخنق المجتمع وكل ما قد ينغص الحياة مُتواجد مُتكتلًا بشكلٍ غير قابل للاحتمال. وفي وسط كل ذلك، يوجد العجوز ذو الثمانية وخمسين عامًا، يوجد «Inuyashiki Ichirou». ذلك العجوز تم تهميشه من المجتمع، العمل، وحتى عائلته التي بذل من أجلها كل غالٍ ونفيس. وما زال الطين بلّة، أن تم تشخيصه بسرطان في المعدة ولم تبقَ له في الحياة إلا ثلاثة أشهر معدودات. وبينما الأسى يكتنفه، وجد كلبة قرر أن يعتني بها، لكن وهما يجلسان أعلى تلّة ما وهو ينتحب مُتمسكًا بعنقها، ضربت عاصفة برقية التلّة في قوة وبطش، وفجأة تحول كل شيء إلى خيوط متشابكة وإبر سوداء تهبط من السماء في قسوة. ويستيقظ البطل شاعرًا بالحيوية والنشاط على غير العادة، فلم يعلم أن منذ تلك اللحظة لم يعد كما كان أبدًا!
*وهذه هي افتتاحية الأنمي:
الافتتاحية: نظرة خاصة!
الجميل في الافتتاحية هو أن أغنية البداية ليست يابانية خالصة، بل مزيج من إنجليزية واليابانية، مما يجعلك تُتابع التزامن الصوتي والبصري بينها وبين أحداث الافتتاحية. وتحمل كلمات تنفذ إلى القلب مباشرة، مُمتزجة بالفكرة العامة للأنمي بشكلٍ عبقري. بجانب الأداء الصوتي الرائع فيها، وصناعة مقاطع الصعود والهبوط، الملحمية والهدوء، هذا مزيج جدير بالإشادة فعلًا. وبالطبع لا يجب أن ننسى الرسم الرائع والمُتقن والغريب إلى أقصى حد للافتتاحية ذاتها. أعجبتني مشاهد الأكشن فيها، وبالتأكيد التناغم الغريب للمشاهد المنفصلة والغير متصلة للكرات الهابطة من الآلات الميكانيكية الشديدة التعقيد.
الفكرة: تعمق وتحليل
يجب أن أعترف أن تلك الفكرة مُتفردة بشدة. فما المُتفرد في بطل يُريد إنقاذ العالم؟ لدينا سوبر بان وبات مان، سئمنا من الأبطال. لكن اصبروا، هذه الفكرة مختلفة. البطل هنا شخص ذاق من مرارات الحياة ما لا يقدر بشر على تحمله، الحياة طعنته يومًا بعد يوم حتى صار عجوزًا تتقاذفه الأقدار بلا رحمة. وبالرغم من ذلك، تبقى بداخله نزعة قوية لتحقيق السعادة للبشر وإنقاذ حيَواتهم الهشّة. ما جذب انتباهي فعلًا هو تلك اللمسة الفلسفية الدستوبية التي طغت على بداية الأحداث، المجتمع مازال سيئًا وبه آلاف البشر الدنيئون والذي يستحقون بطلًا للتخلص منهم، ولسخرية القدر، يكون هذا البطل آخر شخص على كوكب يُمكن توقعه، عجوز هرم ذو سرطان وظهر يُطقطق على الدوام.
الأحداث: ثنيات وتطور
هبطت حتى الآن ثلاثة حلقات من الأنمي، لكن ما تركته بداخلي كان أثرًا لا يمكن محوه، خصوصًا الحلقة الأولى! تلك الحلقة كانت المُقدمة العامة للأحداث فقط، وفيها أظهر الكاتب الشخصية الرئيسية، العجوز المهزوم والحنون إلى أقصى حد، «Inuyashiki».
تأخذ الأحداث زمنها في الوقت الحاضر، حيث الزحام سيطر على كل شيء والجيل الشاب مُتنمر كالعادة، وكل شيء مُزرٍ كما هو في كل بقاع الأرض. يُظهر الكاتب البطل رجلًا عجوزًا أفنى عمره كله في تكوين وإسعاد أسرته. لكن تلك الأسرة لا تهتم بما بذل، ويرونه الآن رجلًا هرمًا لا يمكن لمشاعره أن تساوي شيئًا، لذا فلندهسها دهسًا، وإن كنا لا نشعر. وعندما ضاقت به الدنيا أخذ الكلبة التي وجدها كي يبث لها حزنه. أثناء انتحاباته المؤلمة والمقطعة لأنياط القلوب، ضربت العديد من الصواعق المكان وارتجت ذرات الهواء وتحوّل البشري إلى آلة! ومن هنا بدأ أول تصاعد ملحوظ في الأحداث.
وبعد انتهاء ذلك الحدث، لم يترك الكاتب فجوات في حبكته، فأتي بالتصاعد تلو الآخر كي يدفعك للمشاهدة دول كلل أو ملل. فبدأ بطل الأحداث يستكشف قواه الخفية ويسعى بالتدريج لتطبيقها وتسخيرها لخدمة الضعفاء، فهو الآن أصبح بطلًا بعدما كان نكرة نبذها المجتمع طويلًا. أنقذ رجلًا من الموت على يد مجموعة من الجانحين، وبذلك استرد معناه للحياة من جديد. وهنا يبرهن الكاتب أن تلك الشخصية تجد الغاية من الحياة في مُساعدة الضعفاء، وهذا ما سيجعله العمود الفقري للحبكة بعد قليل.
ويأتي فجأة التصاعد التالي في القصة، فيظهر الشاب الذي يمتلك نفس القدرات الخارقة للشخصية البطل، لكنه يشعر بالخواء ويجد أن مغزى الحياة وما يجعله جديرًا بأن يكون حيًّا، هو أن يقتل الأبرياء، فقط لمتعته الخاصة. السادية الهادئة في أبهى صورها فعلًا. وهذا يُمثل النِد أو الـRival للبطل على مدار الأحداث بكل تأكيد. الهدم والبناء، الخير والشر، الإنقاذ والقتل، التضاد المعهود في الحبكات الواقعية، لكن الأهم من كل ذلك، أن تلك الحبكة أتت بطابع خيال علمي تكنولوجي مُحبب إلينا جميعًا.
وتستمر الأحداث حتى يحدث التصادم بين الندّين وتبدأ رحلة القنص والتي من المُتوقع أن تستحوذ على أغلب أحداث الحلقات القادمة. وبالطبع لا يجب أن ننسى مشهد نهاية الحلقة الثالثة الجميل عندما ذهب البطل للمشفى كي يُعالج المرضي ذوي الأمراض المستعصية، وهذا بعدما اكتشفه قدرته الإعجازية في شفاء المرض مهما كان عُضالًا.
الرسم والتحريك:
الأنمي من إنتاج أستوديو «MAPPA»، وهو أستوديو قام بإنتاج العديد من الأعمال الفنية البارزة في الآونة الأخيرة مثل «Zankyou no Terror» و«Shingeki no Bahamut: Genesis» و«Kakegurui» و«Days». الرسم جاء رائعًا جدًا مُقارنة مع الأعمال السابقة التي اتخذت أسلوب الرسم الثلاثي الأبعاد هذا. والجدير بالذكر أن التحريك لم يشعرني أبدًا بكون هذا الأسلوب غريبًا أو جديدًا في صناعة الأنمي. على عكس أنمي Ajin، والذي كان التحريك فيه مُتأخرًا بعض الشيء عن مُجاراة حِدة وسرعة الأحداث.
انطباع عام:
أتوقع من هذا الأنمي الكثير، ولما لا وهو ضمن أنميات هذا الموسم من 2017؟ موسم جدير بالإعجاب بالفعل.
أتمنى أن يكون المقال قد نال إعجابكم، ونراكم في مقالات وانطباعات ومراجعات أخرى على جيك بوست ^^