اليوم معنا مراجعة مميزة بشدة لآخر فيلم من أكثر السلاسل شهرة في الفترة الأخيرة. كثيرًا ما تهبط أجزاء جديدة للعديد من السلاسل المختلفة، لكن تبقى سلسلة واحدة على القمة، مُعترشة إياها في إباء وتحدي، سلسلة «Pirates Of The Caribbean»! فهيا نصعد سويًّا على متن سفن القراصنة التي لا تنتهي، مترجلين بجانب القبطان الأعظم جاك سبارو، في رحلته الجديدة إلى الأفق المجهول، تحت عنوان «Pirates Of The Caribbean: Dead Men Tell No Tales»!!!
القصة:
يُكمل الكابتن جاك سبارو مغامراته المفاجئة والتي تأتي بغتة من حيث لا يحتسب، فغالبًا ما يكون محتسيًا أطنانًا من الشراب وبالصدفة فجأة تجده على متن سفينة متجهة إلى ما بعد الأفق البعيد! نعم يا سادة، إنه الكابتن جاك سبارو!
تتحدث القصة هذه المرة عن المغامرة الغير مُتوقعة للكابتن جاك سبارو بحثًا عن حربة بوسايدن الثلاثية! وبوسايدن في الميثولوجيا (علم الأساطير) الإغريقية هو إله البحر والمُتحكم الأقوى به. تلك الحربة لها القدرة على الاستحواذ على جميع القوى العاتية والقاسية للبحر، بجانب قدرتها على إبطال كل لعنات البحر التي جعلت من سلسلة قراصنة الكاريبي أنجح سلسلة فانتازية بحرية على الإطلاق.
فتاة تتبع الخيط الذي تركه له والدها للبحث عن شيء لا يستطيع أحد إيجاده، وإن تم إيجاده، سيكون عن طريق مُطالعة خريطة غير قابلة للقراءة. وفتى يطوي اليابس والماء بحثُا عن المُنقذ والذي سيقوده نحو تخليص والده من لعنته الأبدية. وصائد قراصنة يسعى للثأر حثيثًا ممن زجّه في أسوأ لعنات البحر وأقساها. وبين هذا وذاك، يذهب جاك سبارو يُمنى ويُسرى مع الأمواج، آخذًا معه عقولنا وفرائسنا في مغامرة جديدة لا تُنسى!
انطباع عن القصة:
القصة هذه المرة جذبت انتباهي بشدة، بداية من الدخول المفاجئ والغريب والمعهود عن الكابتن جاك سبارو، مرورًا بالعديد من المنعطفات الدرامية الحادة في القصة، وصولًا إلى ذروة الأحداث الشارعة في الإثبات الجليّ بأن حياة القرصان فيها الحلو والمر. لكن الشيء الأكيد أن بين هذا وذاك تقبع المغامرة بالانتظار!
لكن المميز فعلًا في هذه القصة أن عنصر الكوميديا كان يُعتبر جزءً من الأحداث، لا محورها. فبداية الفيلم قد توحي بأننا بصدد مغامرة كوميدية خالصة مُجددًا، أو على الأقل حبكة تستحوذ فيها الكوميديا على 80% من العمل. لكن الصدمة تظهر في أن القصة تحتوي على الأقل ثلاثة مسارات درامية متقاطعة، والتي بالطبع يتعامل معها الكابتن جاك سبارو بكل لامُبالاة واستهتار مُحبب إلينا بشدة.
والأفضل هو أن القصة هذه المرة طرحت العديد من المشاهد الكاملة لجاك سبارو وهو قرصان شاب، بل وقدمت بدايته كقائد سفينة قراصنة لأول مرة. وليس هذا فحسب، بل في مشهد ينم عن ذكاء وحنكة غير معهودتين من قرصان شاب. وبالطبع لا ننسى أن ذلك المشهد تم تقديم العديد من الأشياء له كهدايا، ومنها كانت قبعته الشهيرة والتي كان لها مع السيد غيبس موقف كوميدي بشدة في حقيقة الأمر إذا تتذكرون.
الشخصيات:
الشخصيات كعادة أي عمل فني تتمحور وتحوم حول البطل، بعضها يسعى لضمه إليها كي يصل بهم إلى مكان أو وجهة أو غاية معينة، وبعضها يسعى لضمه إلى ظلمة قبرٍ ذو شاهد بلا أسم في أسرع وقت ممكن. والذي أعجبني بشدة هو التوازن بين الشخصيات ذات النزعة الشريرة، الشخصيات ذات النزعة الخيرة، والشخصيات الرمادية التي تقع خصالها بالمنتصف بينهما. وبالطبع يجب أن نذكر التحول الدرامي الصارخ والصادم في شخصية «هكتور باربوسا» والذي فجأة ترك مسيرته السوداء في البحار بأسرها، كي يكون أبًا حنونًا في لحظة درامية من أبدع من يكون!
التمثيل:
هنا بالطبع كلكم تصيحون بالأداء المعهود من جوني ديب لدور الكابتن جاك سبارو، والذي هو لائق ومناسب له إلى أقصى حد. فبالفعل جوني ديب أدى دورًا مقتنًا للشخصية كالعادة وكما هو معهود منه. لكن ذلك لا يجعلنا ننسى باقي أفراد طاقم العمل. فقد قام الممثل «Javier Bardem» بدور مُتقن جدًا، وصنع تعبيرات وجه تم إعادة صياغتها بالحاسوب جرافيكيًّا كي تنتج لنا شخصية الكابتن سالازار المشؤومة بشدة! بجانب العديد من الشخصيات الثانوية مثل طاقم سفينة جاك سبارو، وطاقم سائر السفن الفتي ظهرت بالأحداث. وإن حق القول فأبرزهم هو السيد «غيبس» بالطبع، والذي له صولات وجولات ومواقف متناقضة وكوميدية بشدة بصحبة جاك سبارو.
الإخراج:
الإخراج كالعادة مُعجِز! الفيلم من إخراج «Joachim Rønning» و«Espen Sandberg». تميز الإخراج بالطابع المزجي بين اليابس والماء بشكل سريع وسلس لا تلحظ فيه أنك غيّرت المكان المادي للأحداث حتى، فسرعان ما تعود إلى قلب الماء في لمح البصر. لكن الشيء المذهل بحق عندما ذهب الأبطال إلى الجزيرة التي طوال الأحداث كانوا يبحثون عنها حثيثًا، وتلك الجزيرة في حقيقة الأمر لقطعة من الأرض مُرصعة بالجواهر المتلألأة بشدة، خالقة إنعكاسًا حيًّا لأشد وأقوى وأجمل السُدُم الكونية بريقًا وإذهالًا! هذا بالحق لمشهد إخراجي وجرافيكي مذهل. بجانب مشاهد الحروب في قلب البحر. انهيار السفن، وبزوغها. اهتياج الأمواج، وسكونها. اندلاع الحروب، وفنائها. كل هذا تم تجسيده ببراعة إخراجية تستحق الإشادة.
الموسيقى:
الموسيقى عنصر مشهور ومُميز جدًا في سلسلة Pirates Of The Caribbean بشكل عام. لكن يمكن القول أن جميع الأجزاء –وإن اختلفت صغائر مقطوعاتها- تشترك في ثيم أو مقطوعة موسيقية مُوحدة تربط بينهم كسلسلة واحدة ذات فكرة ثابتة تتمحور حول فرد واحد. لكن يمكن القول أن الموسيقى هذه المرة كانت شديدة الامتزاج من الأحداث مقارنة بالأجزاء السابقة.
رأي شخصي:
من أشد أفلام السلسلة تميّزًا، وأرى أنه أنجح أفلامها حتى الآن. وأتمنى من صميم قلبي أن يهبط جزء سادس للسلسلة كي نُعيد المرح والضحك مرة أخرى مع أبدع ما أنجبت شركات والت ديزني الشهيرة، شخصية الكابتن جاك سبارو!
التقييم العام للفيلم: 10/7
أتمنى أن تكون المراجعة قد نالت رضاكم، ونراكم في مواضيع ومراجعات أخرى على جيك بوست!